الأسرة المسلمة في ظل التغيرات المعاصرة
انطلقت الحياة البشرية في أول عهدها من علاقة فطرية تكاملية بين زوجين: رجل وامرأة، أصبحا أباً وأماً، وكونا أسرة بشرية كانت الوحدة الأولى في بناء المجتمع البشري. ومن تلك الأسرة الواحدة تفرعت أُسَر عديدة تجمع بينها علاقات الأصل الواحد، وعلاقات القربي بين الأسر، ومن هذه الأسر تكونت الشعوب والقبائل والأمم. وكانت هذه هي السُّنة الإلهية التي فطر الله الناس عليها؛ لإعمار الأرض وتحقيق الاستخلاف فيها. ومنذ تلك البداية والأسرة هي وحدة البناء الأساسية في كل مجتمع بشري، الكفيلة بحماية المقومات الأساسية التي تعطي للمجتمع خصائصه البشرية العامة، وهويته القومية أو العرقية أو الدينية الخاصة. فكيف يمكن أن نربط اليوم بين قيام المجتمع البشري الأول على أساس الأسرة، وبقاء الأسرة أساساً لكل التكوينات البشرية عبر التاريخ؟ لكنَّ العالم شهد تغيّرات واسعة في مجال العلاقة بين مكونات الأسرة، ففقدت الأسرة في كثير من المجتمعات، وإن بدرجات متفاوتة، مفهومها في الطبيعة الفطرية، وموقعها في البناء الاجتماعي، ووظيفتها في التنشئة والتربية، كل ذلك لصالح اتجاهات فردانية، تُعْلي من قيمة الفرد، وتجعلُه بؤرةَ الاهتمام، وتَحُد...